بينما كنا نرسم خططاً إقتصادية إنقاذية فوجئنا بخطط حربية مدمّرة
د. فؤاد زمكحل

رئيس الإتحاد الدولي لرجال وسيدات الأعمال اللبنانيين MIDEL وعميد كلية إدارة الأعمال في جامعة القديس يوسف USJ

Monday, 01-Nov-2021 06:48

كنا نتحضّر ونأمل في بناء خطة إقتصادية، وإجتماعية إنقاذية، كي نحاول تخفيف أوجاع اللبنانيين ووقف النزف المستشري، لكننا فوجئنا بوجود خطط حربية معاكسة، وفلتان في الشارع يهدف إلى هدم ما تبقّى من الأركان الإقتصادية والإجتماعية التي كنا نعمل على تثبيتها وحمايتها.

كنا نستعد لبدء المفاوضات مع صندوق النقد الدولي، لنحاول أن نستقطب بعض السيولة للإقتصاد اللبناني المهزوم، لكن فوجئنا بأنّه كان هناك مفاوضات من أجل تعبئة صناديق من السلاح والرصاص للعودة إلى كوابيس الحرب الملعونة.

 

كنا نفخر بالرياديين والمبتكرين والناجحين اللبنانيين في لبنان والعالم، ولا سيما بسمعتهم المنتشرة في أصقاع الكرة الأرضية، لكن فوجئنا بعدد المحاربين. علماً أنّ لبنان بلد السلام والمحبة والمبادرات والنجاحات، وليس بلد الحرب والدماء والتدمير.

 

كنا نأمل بأنّه في ظلّ ولادة الحكومة الجديدة بعد 13 شهراً من التعطيل والفراغ الحكومي، سنبدأ بالعمل الدؤوب منذ اليوم الأول، بإدارة الأزمة الكارثية والحدّ من الإنهيار الإقتصادي والإجتماعي، لكن فوجئنا بحكومة شُلّت بعد بضعة أيام من ولادتها، وإنجرّت إلى وحول السياسة المتحركة.

 

كنا نأمل في وجود قضاء حرّ شفاف ومستقل، لكن فوجئنا بقضاء لا يحترمه السياسيون ويسخرون منه، ويكيلون له التهم والشتائم عندما يتوجّه إليهم.

 

كنا نأمل في توزيع البطاقة التمويلية والإجتماعية للمحتاجين، بعد الإرتفاع الكارثي في نسبة الفقر في لبنان، لكن فوجئنا بعدم إصدارها حتى الآن، والسعي إلى إستبدالها ببطاقة إنتخابية، حزبية، طائفية، ومذهبية لجذب الشعب من جديد وراء سياسيين فاسدين.

 

كنا نأمل في أن يتوقف التدهور الإقتصادي الكارثي، كي نبدأ بإعادة الدورة الإقتصادية، وإعادة النمو الذي هو الحل الوحيد للخروج من هذا المأزق الكارثي، لكن فوجئنا بتراجع مستدام وزيادة النزف، والتدهور من هاوية إلى أخرى.

 

كنا نأمل في العودة إلى سلّم أولويات البلدان المانحة والسلطات العالمية الكبرى، في صلب مفاوضات إعادة الهيكلة والتمويل، لكن فوجئنا بعودة لبنان إلى الشاشات العالمية بمشاهد حرب أهلية جديدة وإحياء كوابيس الماضي التي كنّا والعالم إعتقدنا أنّها فقط محفورة في أذهاننا وتاريخنا المظلم.

 

كنا نأمل في توحيد سعر صرف الليرة مقابل الدولار والعملات الاجنبية، بمنصة موحّدة رسمية، وحتى لو كان عائماً أو متغيّراً، وبإنخفاض سعر الصرف، لتحسين نسبة العيش، لكن فوجئنا بإرتفاع سعر الصرف من جديد في سوق سوداء، تُدار في غرف مشبوهة.

 

في الخلاصة، كلّما خطونا خطوة بسيطة إلى الأمام نُفاجأ بتراجع دراماتيكي وخطوات عديدة وكبيرة إلى الوراء. لكن علينا ألاّ نستسلم وألاّ نيأس، ولا نُحبط ولا تنكسر معنوياتنا وإرادتنا ومحبتنا للحياة. وسنتابع نضالنا بشراسة وشجاعة، ليبقى لبنان بلد الحرّيات والإبتكارات والإختراعات والنجاحات والريادة، وليس من جديد بلد الحرب والدمار والدماء والبكاء.

الأكثر قراءة